لماذا اعتُبرت شهادة إمرأتين في الاسلام تعدل شهادة رجل واحد؟ ولماذا الأصل في أن يكون الرجل شاهداً؟
جوابه:(1) استناداً الى بعض الآيات فان شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد. ورد في الاية 282 من سورة البقرة:
«وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الأْخْرى».
هنالك الكثير من المسائل التي يمكن طرحها في هذا المجال منها: هل ان شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد في كل الحالات أم ان هنالك موارد تساوي فيها شهادة الرجل شهادة المرأة؟
وهذا التساؤل قد أجبنا عليه مفصلاً في بحث “شهادة المرأة في الشريعة الإسلامية” (2)
وأما الأسئلة الأخرى التي تتعلق بهذه القضية والتي يتعين الرد عليها فهي عبارة عن:
أ ـ لماذا الأصل في أن يشهد الرجل؟
ب ـ إذا كان الرجل هو الأولى والأصلح لتحمّل الشهادة وأدائها فلماذا تُقبل شهادة المرأة ثم تعتبر بمستوى نصف شهادة الرجل؟
ينبغي القول في الاجابة على هذين السؤالين: ان الغاية من الإشهاد وتحمّل الشهادة وأدائها هي ان لا يضيع أو يُصادر حقٌ، لذلك يستلزم وجود خصلتين بالنسبة للشاهد هما:
1 ـ في مقام تحمّل الشهادة. يجب أن يكون ذكياً فطناً يضبط الحقائق بدقة.
2 ـ في مقام أداء الشهادة. أن لا يقع تحت تأثير العواطف وان يدلي بما كان شاهداً ورقيباً عليه دون نقص أو زيادة أو تزويق. فلربما يقع الشاهد في مقام أداء الشهادة تحت تأثير عواطفه ويدوس على الحق فيدلي بشهادته لصالح أحد لأنه أبوه أو أمه أو أخته أو أخوه أو زوجه أو ولده أو أحد أقربائه وأصدقائه، أو ان ذلك الشخص فقير أو مسكين أو ما شابه ذلك.
بهذا الخصوص يقول تعالى:
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَ الأَْقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللّهُ أَوْلى بِهِما…»(3).
إذا ما قورن الرجل والمرأة في مجال امتلاكهما لهاتين الصفتين سيتضح ان الرجال أفضل من النساء في كلا البعدين. بناءً على هذا، يكون الرجال أصلح من النساء لتحمّل الشهادة وأدائها. من هنا فان الأصل أن يشهد الرجل، كما يجري الأمر في القضاء والحكم على هذا المنوال أيضاً، بالاضافة الى كثرة تواجد الرجال وسط المجتمع وأثناء وقوع الأحداث.
أما الاجابة على المقطع الثاني. فإذا لم تكن شهادة المرأة مقبولة ومعتبرة إذ ذاك ستضيع الكثير من الحقوق في الكثير من الموارد، فمن الدارج ان تُطلب شهادة مَنْ كان في متناول الطرفين على الدوام كي يتسنى لهم إحضاره إذا ما بدر خلاف بينهم ويطلبوا شهادته. من الواضح عدم توفر رجل أو رجلين على الدوام وفي كافة الأحوال والظروف، وعليه لا مفر من عدّ شهادة المرأة معتبرة كي يتسنى استدعاء النساء لتحمل وأداء الشهادة إذا لم يُعثر على رجل بتلك المواصفات. فلئن كان الاقتصار على الرجل في الشهادة يؤدي الى ضياع وهضم الكثير من الحقوق ولهذا السبب اصبحت شهادة المرأة مقبولة فلماذا لا تتساوى شهادة المرأة مع شهادة الرجل؟ يمكننا الاجابة على هذا السؤال بأن المرأة لا تتمتع بالقدرة اللازمة، لا في مقام تحمّل الشهادة ولا في مقام أدائها، وبالتالي فقد تنسى المرأة الواقعة أو تقع تحت تأثير عواطفها ومشاعرها وتعدل عن الحق فتضل على أية حال ـ مثلما أشارت الآية الى الحكمة من هذا الحكم ـ فان الاحتياط يحكم بأن نرفق معها امرأة أخرى كي يتضاءل الاحتمال بمصادرة الحق والوقوع في الخطأ.(4)
(1)راجع: كراس الحقوق والسياسة في القرآن، محمدتقي مصباح اليزدي، الدرس: 210 وهو باللغة الفارسية.
(2)راجع الباب الثاني من هذه الرسالة الفصل ؟؟” شهادة المرأة في الشريعة الإسلامية ” ص .
(3) النساء: 135.
(4) اسئلة وردود(ج 5) لمحمد تقي مصباح اليزدي , ص374-376 الطبعة الرابعة عشرة . عام 1380هـ. ش (1422هـ/2001م)، بجهود دار النشر التابعة لمؤسسة الإمام الخميني ( قدس سره) للتعليم والبحوث.