جدلية الأختلاف بين الرجل والمرأة

جدلية الأختلاف بين الرجل والمرأة

الفروق الظاهرية والباطنية بين الرجل والمرأة.

أثبتت الدراسات الطبِّية المتعددة أن كِيان المرأة النفسي والجسدي قد خلقه الله تعالى على هيئةٍ تخالف تكوين الرجل، وقد بُنِي جسم المرأة ليلائم  وظيفة الأمومة ملاءمةً كاملةً، كما أن نفسيتها قد هُيِّئَت لذلك المجال ولأعمال تناسبها .ومن تلك الاختلافات التي أثبتتها التجارب العلمية بين الذكر والأنثي نذكر منها:

أولاً‏:‏  الاختلاف على مستوى  الخلايا
إن هيكل المرأة الجسدي يختلف عن هيكل الرجل، بل إن كل خلية من خلايا جسم المرأة تختلف في خصائصها وتركيبها عن خلايا الرجل. وإذا دقَّقْنا النظر في المِجْهَر لَهَالَنا أن نجد الفروق واضحةً بين خلية الرجل وخلية المرأة.. ستون مليون خلية في جسم الإنسان ومع هذا فإن نظرةً فاحصةً في المجهر تُنْبِئُك الخَبَر  اليقين: هذه خلية رجل وهذه خلية امرأة، كل خليةٍ فيها مَوْسُومَةٌ بِمَيْسِم الذُّكورة أو مَطْبوعةٌ بطابع الأنوثة.
وفي الصورة التالية نرى الفروق واضحةً بين خلية دمٍ بيضاءَ لرجلٍ وأخرى لامرأةٍ كما نرى الفرق جَلِياً بين خلية من فمِ امرأةٍ وخليةٍ من فَم رجلٍ، ثم ننظر في الصورة على مستوى أعمق من مستوى الخلايا إلى مستوى الجُسيمات الملونة (الصِّبغيات أو الكروموسومات). هذه الجسميات الملونة موجودةٌ في كل خليةٍ وتُقاسُ بالانجستروم (واحد على بليون من الميليمتر) في ثَخانتها وهي موجودةٌ على هيئة أزواجٍ؛منها واحدٌ مسؤول عن الذكورة والأنوثة.
ففي خلية الذكر نجد هذا الزوج كما هو مُوَضَّح في الصورة على هيئة x y  بينما هو في خلية المرأة على هيئة xx والصورة التالية تُوضح هذه الفروق الثلاثة.

إنَّ الجُسَيم المُلَوِّن (صبغ) للذكورة يختلف في شكله المُمَيَّز عن صِبغ الأنوثة، بل ولا يقتصر الاختلاف على الشكل والمظهر إنما يتعداه إلى الحقيقة والمَخْبَر فصبغ الذكورة قصيرٌ سَميكٌ بالنسبة لِصِبغ الأنوثة ومع ذلك فهو يجعل الخلية الذكرية أكثر نشاطاً وأقوى شكِيمةً وأكثر إقداماً  مِن شقيقتها الأنثوية. (1)

ثانياً :الاختلاف على مستوى الأنسجة والأعضاء
وإذا ارتفعنا من مستوى الصبغيات (الكروموسومات) والخلايا إلى مستوى الأنسجة والأعضاء وجدنا الفروق الهائلة الواضحة لكل ذي عَيْنَين بين الذكورة والأنوثة..تذكر نورها إبراهيم عبد الله في بحث بعنوان ” الفرق بين الرجل والمرأة “(2) فروقاً متنوعة من جملتها الفروق الجسمية (الفسيولوجية ) ما نصه :”تمتلك النساء ثلاث وظائف لها تأثير كبير على سلوكهن ومشاعرهن ، بينما هذه الوظائف الثلاث مفقودة كلياً في الرجال : الدورة الشهرية ، والحمل ، والإرضاع، فأنماط الهرمونات معقد ومتنوع عند النساء، فعلى سبيل المثال ، تتخم الغدّة الدرقية أثناء الحمل والدورة الشهرية ، مما يجعل المرأة أكثر مقاومة للجو البارد ، ويجعل الجلد أكثر نعومة وخالياً من الشعر (3).

درجة الحرارة الداخلية في النساء أعلى ب 0,4 درجة فهرنهيتية (97,8 مقابل 97,4 درجة) ، لكن درجة حرارة يد الرجل أعلى ب 2,8 درجة فهرنهيتية ( 87,2 مقابل 90 درجة) من يد المرأة (4).

كذلك ، فعدد كريات الدم الحمراء أقل بنسبة 20% في النساء ، مما يجعلهن يتعبن بسرعة أكثر من الرجال ، وهذا يفسر سبب أرتفاع الحوادث بنسبة 150% بين النساء البريطانيات أثناء الحرب العالمية الثانية ، بعد رفع عدد ساعات العمل من 10 ساعات إلى 12 ساعة ، في حين لم يؤثر ذلك على الرجال (3).

قلب المرأة أصغر من قلب الرجل ب25% وعدد ضرباته أسرع ب10%(80 مقابل 72 خفقة في الدقيقة في الرجل) ، وقلب المرأة يحتاج إلى وقت أطول للراحة. وضغط الدم عند النساء أقل ب 10 ملليميترات زئبق من ضغط الرجل، مما يجعل النساء أقل عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم(6،5،3)، حجم الرئتين في الرجال أكبر من النساء ب 25-30% وحجم الكبد أصغر في النساء بنسبة 20% (6،7).

أما كتلة العضلات ، فهي أكبر في الرجال بنسبة 50% كما أن قوة عضلات النساء توازي 80% فقط من قوة عضلات الرجال ، مما يجعل الرجال أكثر قوة وسرعة من النساء (6). ويرجع السبب في ذلك إلى الناحية الوراثية ، حيث تحوي مادة الرجل الوارثية 175 مورثة تتعلق ببناء العضلات غير موجودة في النساء . هذه المورثات مسؤولة عن تصنيع البروتينات التي من قدرة الخلايا العضلية البنائية والأيضية(8). هذا بالإضافة إلى قلة الأوعية الدموية التي تغذّي عضلات النساء بالمقارنة مع كثرتها في الرجال (9).

إن 24% من وزن المرأة يتكون من عضلات ، في حين تبلغ هذه النسبة 40%في الرجل. ومن ناحية القوة الجسمية ، فقوة المرأة تعدل قرابة ثلثي قوة الرجل ، وقوة الجزء العلوي من جسم المرأة تساوي نصف قوته في الرجل ، بينما الجزء السفلي يقارب 70% من قوة نظيره في الرجل (10،11) . أضف إلى ذلك أن مساحة النوع الأول من الألياف العضلية للرجال أكبر منه في النساء بمقدار الثلث ) 3483 مقابل 4597 ميكرون مربع ( بينما تزيد مساحة النوع الثاني من الألياف العضلية بمقدار الضعف تقريباً ) 4040 مقابل 7700 ميكرون مربع في الرجال (11).

وإذا ما نظرنا إلى نسب الدهنيات وتوزيعها ، فأننا نلاحظ فروقاً جوهرية بين الجنسين . ففي حين تبلغ نسبة الدهون 10% من وزن الرجل ، نجدها تشكل 22% من جسم المرأة ، أغلبها موزع تحت جلد الإناث (12).

وإذا ما نظرنا إلى نسب الدهنيات وتوزيعها ، فإننا نلاحظ فروقاً جوهرية بين الجنسين . ففي حين تبلغ نسبة الدهون 10% من وزن الرجل، نجدها تشكل 22% من جسم المرأة ، أغلبها موزع تحت جلد الإناث (12).

ثالثاً : الفروق في الهرمونات‏:‏
تعزي الاختلافات السلوكية بين الجنسين من بني آدم إلي تأثير الهرمونات الجنسية‏(GonadalSteroids)‏ علي المخ‏.‏ فمنذ المراحل الأولي لجنين الإنسان‏(‏ من الأسبوع السابع إلي الثالث عشر‏)‏ يزداد تركيز الهرمونات الذكرية أو الأنثوية حسب إرادة الخالق ـ سبحانه وتعالي ـ فيتشكل مخ الجنين بأي منهما في مجموعتين متمايزتين تمايزا كاملا‏,‏ وتكفي في ذلك الإشارة إلي تركيز الهرمون الذكري المعروف باسم تستوستيرون‏(Testosterone)‏ عن الذكور البالغين إلي عشرين ضعف ماعند الإناث البالغات‏,‏ وفي المقابل يحتوي دم الأنثي الحاملة لجنين أنثي علي نسبة عالية من الهرمونات المشيمية‏(CHORIONICGONADOTROPHINS)‏ بنسبة تزيد بحوالي‏20%‏ عند نظيرتها الحاملة لجنين ذكر‏.‏(13)

رابعاً:‏ في تركيب المخ وبقية الجهاز العصبي‏:‏
من الثابت علميا أن الجهاز العصبي مختلف تماما عند البالغين من الجنسين‏,‏ فحجم المخ في الذكر البالغ يزيد بحوالي‏(10‏ ـ‏15%)‏ عن نظيره في الأنثي‏,‏ وبالتالي يزيد بنفس النسبة عدد وكثافة الخلايا العصبية في قشرة الدماغ‏(CorticalNeurons)‏ كذلك يزيد حجم خلايا المخ في الذكور عنها في نظائرهم من الإناث بحوالي‏(30%),‏ وتزيد نسبة المادة الرمادية‏(GrayMatter)‏ في مخ الذكور البالغين بأكثر من ستة أضعاف نسبتها في الإناث اللائي يحملن في أمخاخهن عشرة أضعاف ماتحمل أدمغة الذكور البالغين من المادة البيضاء‏(whitematter)‏ ويزيد سمك الشق الأيمن من قشرة المخ عند الذكور ويتساوي سمك الشقين عند نظائرهم من الإناث‏,‏ ويختلف معدل استهلاك الناقل العصبي‏(Dopamine)‏ بين الجنسين اختلافا كبيرا‏;‏ وهناك فروق واضحة في عدد وحجم الخلايا العصبية المحركة

‏(Motorneurons)‏ في بقية الجهاز العصبي‏.‏
ومن أبرز الاختلافات بين مخي الذكر والأنثي البالغين أن الفصيص الصدغي السفلي للمخ ‏(InferiorParietallobule)‏ هو أضخم بكثير في الذكر عنه في الأنثي وفصه الأيسر أضخم من الجزء الأيمن في الذكور البالغين‏,‏ وهما متعاكسان أو متساويان تقريبا في نظائرهم من الإناث‏,‏ ومعروف أن هذا الجزء الأيسر هو الجزء من المخ المتعلق بالإدراك والانتباه وبالقدرات الذهنية الحسابية ولعل ذلك يفسر كثيرا من الاختلافات في النوازع والاهتمامات والرغائب والسلوكيات عند كل من الجنسين‏.‏
كذلك فإن حجم خلايا أنوية الوطاء أو مايعرف أحيانا باسم ماتحت المهاد‏(Hyothalamousnuclei)‏ في الذكور البالغين يبلغ ضعف حجمها من الأناث‏,‏ ويختلف شكل أنوية مافوق التصالب البصري‏(suprachiaSmaticnuclei)‏ في الجنسين اختلافا كبيرا‏,‏ وبالتالي فإن طبيعة الذاكرة تختلف عند كل منهما بشكل واضح‏.‏ أما النظام الحوفي في الدماغ‏(LimbicSystem)‏ والذي يعتبر مركز العاطفة فهو أضخم في الإناث البالغات وأشد حساسية منه عند نظائرهن من الذكور‏,‏ وكمية الدم التي تتدفق إليه تفوق نظيرها عندهم بثماني مرات علي الأقل‏.‏ ومن الفروق الفاصلة بين مخي الجنسين كل من الجسم الثفني أو الجاسيء‏(Corpuscallosum)‏ والأخدود الدماغي الأمامي ‏(Anteriorcommissure)‏ اللذين يربطان نصفي المخ الأيمن والأيسر‏,‏ وكلاهما أكبر في الإناث البالغات‏.‏ وبالمثل فإن منطقتي الكلام المعروفتين باسم‏(BrocaandWernicke)‏ فإنهما أضخم بنسبة‏(18‏ ـ‏20%)‏ في الإناث‏.‏
كذلك هناك فروق كبيرة في التركيب الكيميائي للمواد الناقلة داخل الجهاز العصبي بين كل من الأنثي والذكر البالغين‏.‏(14)

خامساً:‏ الفروق في معدلات النمو والبلوغ والشيخوخة‏:‏
يتباين الجنسان‏:‏ الذكر والأثني تباينا واضحا في معدلات النمو والبلوغ‏,‏ فالذكور أسرع في النمو في مرحلة الطفولة المبكرة من الإناث بصفة عامة‏,‏ ويبدأ الذكور في البلوغ من سن‏(10‏ ـ‏14)‏ سنة‏,‏ بينما تبدأ الإناث في البلوغ من سن‏(11‏ ـ‏15)‏ سنة‏,‏ والرجل يصل إلي الشيخوخة بين‏(65,55),‏ وتبدأ المرأة طور الشيخوخة بين‏(55,45)‏ سنة بصفة عامة‏.‏(15)

سادساً:‏ في النواحي النفسية‏:‏
يختلف التكوين النفسي لكل من الذكر والأنثي اختلافا كبيرا‏,‏ ففي الوقت الذي يتميز فيه الذكور ـ بصفة عامة ـ بشيء من الخشونة‏,‏ وبسيادة العقل للعاطفة‏,‏ وبالواقعية في التفكير بعيدا عن الخيال‏,‏ وبالفاعلية في الأعمال بعيدا عن السلبية‏,‏ فإننا نجد الإناث‏,‏ بصفة عامة ـ يتميزن بالحساسية المفرطة ورقة المشاعر‏,‏ وبسيادة العاطفة للعقل‏,‏ وهيمنة المشاعر الشخصية واتساع الخيال علي الأمور الواقعية والمنطقية وبروز ملكة الحدس والبداهة الفطرية‏,‏ والتميز بالغيرة الشديدة‏,‏ وحب التملك‏,‏ والوهم‏,‏ والخوف‏,‏ والتشاؤم‏,‏ واختيار الأشياء بغير موضوعية وبغير منطق في أغلب الأحيان‏,‏ وعدم القدرة علي الإنسلاخ من الذاتية الشخصية وعن التقاليد الموروثة والتنشئة في مراحل الطفولة‏,‏ وعلي ذلك فإن التكامل بين الجنسين ضرورة من ضرورات استقامة الحياة علي الأرض‏.‏
هذه الفروق التي خلقها الله ـ تعالي ـ بين الجنسين‏:‏ الذكر والأنثي‏,‏ لها انعكاسات أخري عديدة من ناحية المناعة‏,‏ والعافية والعرضة للإصابة بالأمراض‏,‏ والشعور بالآلام‏,‏ والتأثر بالأدوية المختلفة خاصة أثناء عمليات التخدير والجراحة المختلفة وغيرها‏,‏ ولذلك اعترفت بها المجتمعات الإنسانية عبر التاريخ‏,‏ ولكن فاجأتنا الحضارة المادية المعاصرة بمحاولة تجاهلها بسبب معاداتها للدين وانطلاقها من منطلقات مادية محضة تدعي أن التقسيمات والأدوار المنوطة بكل من الرجل والمرأة هي من صنع المجتمع‏,‏ وثقافته‏,‏ وأفكاره السائدة‏,‏ وهذه كلها أمور مصطنعة وبالإمكان تغييرها أو إلغاؤها بالكامل بحيث يمكن للمرأة أن تقوم بدور الرجل ويمكن للرجل أن يقوم بدورها‏.‏ وقد تجلت هذه المفاهيم المغلوطة في عدد من المؤتمرات الدولية مثل مؤتمر المرأة الذي عقد في بكين سنة‏(1995‏ م‏),‏ وفيه دفعت القوي المادية المعاصرة من خلال هيئة الأمم المتحدة بهذه المفاهيم المغلوطة من أجل فرضها علي دول العالم بغض النظر عن عقيدة المجتمع وثقافته وعاداته وتقاليده‏.‏ ومن هذه الدعاوي الشيطانية الباطلة‏,‏ هدم مؤسسة الأسرة واستبدالها بالمساكنة وإباحة الشذوذ الجنسي‏,‏ والسماح لهؤلاء الشواذ بالتبني‏,‏ وإعطاء الحرية للمرأة لإنشاء أسرة من امرأة واحدة تنجب ممن تشاء بالزني‏,‏ وبذلك تتعدد صور وأنماط الأسرة الشاذة التي يدعون إليها من رجلين شاذين أو امرأتين سحاقيتين‏,‏ أو من رجل وأولاد بالتبني‏,‏ أو من امرأة وأولاد زني أو بالتبني‏,‏ وهكذا يسول لهم الشيطان الخروج عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها‏!!‏

وفي ظل هذه الفوضي ـ في غيبة من الالتزام بالدين الصحيح ـ تأتي العلوم المكتسبة في قمة من عطاءاتها العلمية والتقنية لتؤكد الفروق الهائلة بين الجنسين علي جميع المستويات‏:‏ من المورثات والهرمونات‏,‏ إلي كل من الخلايا الجسدية والتكاثرية‏,‏ إلي الفروق النفسية والشخصية المميزة والتي تتضح بجلاء في طرائق التفكير‏,‏ والميول‏,‏ والرغبات‏,‏ والسلوك وكل ذلك يقف في وجه الدعاوي المادية المنحرفة المنادية بالمساواة الكاملة بين الذكر والأنثي‏,‏ ويشير إلي المعجزة القرآنية في قول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ‏: وليس الذكر كالأنثى‏.(16)

والابحاث العلمية الحديثة فضحت دعوى التماثل الفكري بين الجنسين. فمن هذه المقالات العديدة مقالٍ نَشَرَتْه مجلة الريدرز دايجست في عدد ديسمبر 1979 تحت عنوان «لماذا يفكر الأولاد تفكيراً مختلفاً عن البنات» وهو مُلَخَّص لكتاب «الدماغ: آخر الحدود» للدكتور ريتشارد ديستاك «The Brain: The Last Frontier»  جاء ما يلي: «إن الصِّبْيان يفكرون بطريقةٍ مُغَايرةٍ لتفكير البنات رغْم أن هذه الحقيقة الناصِعَة ستصْدُم أنصار المرأة والدَّاعِين إلى المساواة التامَّة بين الجنسين.. ولكن المساواة الاجتماعية في رَأْيِنا تعتمد على مَعْرِفة الفروق في كيفية السلوك ومعرفة الفروق بين مخ الفتى ومخ الفتاة.
وفي الوقت الحاضر فإن الفروق بين الأولاد والبنات التي لاحظها الآباء والمعلمون والباحثون على مدار السنين تتجاهَل تجاهُلاً تامَّاً ويُقَدَم للطلبة والطالبات منهجٌ دِراسيٌّ مُتَمَاثل.

إنَّ طُرَقَ التدريس في المدارس الابتدائية تُلائم البنات ِأكثر مما تلائم الأولاد ولِذا فهُم يُعانون في هذه المرحلة.. أمَّا في المراحل التي تَلِيها حتى الجامعة فَهِي تُلائم الفتيان أكثر مما تلائم الفتيات..
ويعتقد الباحثون الاجتماعيون أن الاختلاف في سلوك الأولاد عن البنات راجعٌ إلى التوجيه والتربية في البيت والمدرسة والمجتمع و التي ترى أن الولد يجب أن يكون مِقداماً كثيرَ الحركة بل وتَقْبَل مِنْه أيَّ سُلوكٍ عُدْوانيٍّ بِهَزِّ الكَتِفَين ,بينما ترى في الفتاة أن تكون رقيقةً هادئةً لطيفةً.
ولكن الأبحاث العلمية تُبَيِّن أن الاختلاف بين الجنسين ليس عائداً فحسْب إلى النَّشْأة والتربية وإنما يَعود أيضاً إلى اختلاف التركيب البيوليجي وإلى اختلاف تكوين المخ لدى الفتى عن الفتاة.
وحتى لو حاول الداعون إلى المساواة المُطْلَقة بين الفتى والفتاة أنْ يُنْشِّئوهما على نفس المنهج حتى لَتُعْطِى لِعَب المُسَدْسات وآلات الحرب للفتيات وتُعطِى العَرائس للأولاد فإن الفروق البيولوجية العميقة الجذور ستفرِضُ نفسها وتؤدي إلى السلوك المُغَايِر بين الفتى والفتاة.

ولقد أدرك العلماء والباحثون عُمْق هذه الفروق فوجدوا أنَّ الطفل الرضيع يختلف في سلوكه على حسْب جِنْسه.. فالبِنت بعد ولادتها بأيام تنتبه إلى الأصوات وخاصة صوت الأم بينما الولد لا يكْتَرِث لذلك.. ولهذا فإن َّالرضيعة يمكن إخافَتُها بِإِحْداثِ صوتٍ مُفاجئٍ بأكثر مما يمكن إخافة أخيها..
وتقول الدراسة أن الطفلة تستطيع في الشهر الخامس أن تُمَيِّز بِسَهُولةٍ بين الصُّور المَعْهودة لَدَيْها.. وتبدأ الطفلة مُحاوَلَة الكلام والمُنُاغاة من الشهر الخامس إلى الثامن بينما يفشل أخوها في التفريق بين وجه إنسانٍ ووجه لُعْبَةٍ.. وتبدأ الطفلة في الحديث عادةً قَبْل أخيها.. وتتمكَّن من تَعَلُّم اللغات في الغالب أكثر من أخيها.
ويُظْهِر الأولاد تفوقاً كبيراً على البنات في الأمور البَصَرِية وفي الأشياء التي تتَطَلَّب تَوازُنًا كاملاً في الجسم.. ويقوم الطفل الذَّكر بالاستجابة السريعة لأيِّ جسم متحركٍ أوْ لأيِّ ضَوْءٍ غَمَّاز كما أَنه يَنْتَبِه إلى الأشكال الهندسية بِسُرعة أكبر من أخته وله قدرةٌ فائقةٌ على محاولة التَّعَرُّف عليها وتفكيكها..
وفي سِنِّ الصِّبا فإنَّ الأولاد يتُوقُون إلى التَّعَرُّف على بيئاتهم ويَنْتَقلون بكَثْرةٍ من مكانٍ إلى آخر لاكتشافها بينما تَمِيل البنات إلى البقاء في أماكنهم.

ويستطيع الأولاد التصرف بِمَهارةٍ أكبرَ في كل ما يتعلق بالأشكال الهندسية وفي كل ما له اتجاهاتٌ ثُلاثية «Three Dimensional objects»  وعندما  يُطْلَب مِن الولد أن يُكَوِّن شكلاً مُعَيَّناً من وَرَقٍ مُقَوّى مَثَلاً فإنه يتفَوَّق على أخته في ذلك تفَوُّقاً كبيراً.
وما يُعْتَبَر اكتشافاً مُذهِلاً  هو؛أن تخزين القدُرات والمعلومات في الدِّماغ يختلف في الولد عنه في البنت.. ففي الفتى تتجمَّع القُدُرات الكلامية في مكانٍ مختلفٍ عن القدرات الهندسية والفراغية بينما هي موجودةٌ في كِلا فَصَّي المُخ لَدَى الفتاة ومعنى ذلك أن دماغ الفتى أكثر تَخَصُّصاً مِن مُخ أخته.
ولعل هذه الحقائق المُكْتَشَفَة حديثًا تُفَسِّر ولَو جُزْئِياً؛لماذا نرى أغلب المهندسين المِعْمارِيِّين من الذكور دون الإناث.. وقد كان أول من اكتشف هذه الحقيقة الباحث النفسي لانسدل من المعهد القومي للصحة في الولايات المتحدة عام 1962 ثم أَكَّد هذه الأبحاث كثيرون؛منهم أُستاذة علم النفس في جامعة مكماستر بكندا ,الدكتورة, ساندرا ويلسون.
ولهذا نجد أن اختبارات الذكاء تُرِينا تساوياً بين الفتى والفتاة ما عدا فَحْصَين منهما… وهما فَحْص ترتيب الصور والفراغات بين الأصابع Picture arrangment and digial span  فإنهما  يُرِيانا تفوُّقاً كبيراً في صالح الأولاد على البنات.
ولهذا فإن فحْص الذكاء في مجموعةٍ يؤدي دائمًا إلى تَفَوُّق الأولاد على البنات.
ويقول أستاذ علم النفس في جامعة جورجيا البروفسور توراناس «إن المساواة بين الجنسين تُشَكِّل عَقَبَةً كَأْداءَ في القدرات الخَلاَّقة. فالقُدرات الخلاَّقة لَدَى الفتاة تحتاج إلى الحساسية والصفات الأنثوية بينما تحتاج في الفتى إلى الاستقلالية وصفات الرجولة».
وتقول الدراسة إنَّ أغلب الأولاد يَمِيلون إلى كثرة الحركة وشئٍ من العُنْف بينما أكثر الفتيات إلى السَّكِينة والهدوء وقِلَّة الحركة. إن هذه الدراسات  احصائية وتتحدث عن الجنسين على صورة العُموم ولكنها ليست شخصيةً: أيْ أنها لا تتحدث عن هذا الشخص أو ذاك وإنما تتحدث عن المجموع والصبغة الغالبة..
وإمْكانِية أنْ يَشُدَّ فردٌ من هذا الجنس أو ذاك عن القاعدة أمرٌ لا يُلْغِي القاعدة في ذاتها.
وعلينا أن لا نتجاهل الحقائق العلمية البيولجية فنحاول أن نجعل تربية الفتى مماثلةً لتربية الفتاة, ودورَ الفتى في الحياة مماثلاً لِدَورِ الفتاة لأننا فقط نرغب في ذلك… فهذا التفكير المَيْنِيُّ على الرغبات Wishful Thinking  يُصادِم الحقائق العلمية”.(17)
يذكر لنا الدكتور حسين أمين في كتابه ” المرأة بين الشارع والبيت “(18)اهم المصادر التي تؤكد على هذه الحقائق العلمية وعلى تفاصيل أخرى ،لم نتعرض لها توخياً للأختصار ،حيث يقول:” إنني اؤكد أن هذا الحديث سوف يثير الكثير من الحوار والنقاش ..ولذا فإنني قد جمعت هنا بعضاً من المراجع العالمية فيهذا المجال ..مرتبة حسب الحروف الأبجدية ..وسوف نلاحظ أن أكثرها قد صدر في خلال السنوات العشر الأخيرة ..بعد ظهور نتائج كل هذه البحوث ..ولذلك فإن كثيراً من الحديث الذي نتناوله لم يكن ثابتاً من الناحية العلمية إلا في السنوات العشر الأخيرة فقط .

المراجع
. Belenky , M.F,et al; Womens Ways of Knowing .Basic Books .New York(1986)
  Goy , R.W.,and McEwen , B.S, Sexual Differentiation of the Brain Massachussets Institute of Technology Press,Cambridge, Mass.,(1980).
  DeLacoste ,C.,and Holloway , R.L., Sex Differences in the Fetal Human Corpus Callosum , Human Neurobiology , Vol.5,P.93-96,(1986).
  De VRIES ,G.J.,et al .(eds.),Sex Differences in the Brain, The Relationship Between Structure and Function , Elzevier, Amsterdam,(1984).
  Equal Opportunitles Commission ,Women and Men in Britain , a Statistical Profile ,HMSO,London,(1987).
  Fausto-Sterling,A.,Myths of Gender, Basic Books,New York,(1985).
  Hertz ,L.,The Business Amazons (..!!),Methuen Paperback,London,(1986).
  Kimura ,D.,Male Brain, Female Brain :The Hidden Difference , Psychology Today,November 1985, P.51-58,(1985).
  Kimura ,D.Are Men’s and Women ‘s Brains Really Different ? Canadian Psychology,Vol.28-2,P.133-147,(1987).
  Levin, M.,Feminism and Freedom,Transaction Books, New Brunseick,N.J.,(1987)
  McGuiness , D.,When CHILDREN don’t Learn , Basic Books , New York, (1985)  
  McGuiness , D.,(ed.), Dominance Aggression, and War, Paragon House, New York,(1987)
  Moir ,A.and Jessel ,D., Brain Sex : The Real Difference Between Men and Women, Mandarin , U.K.,(1991), ( reprinted 16 times, last 1996).
  Reinisch, J.M., et. al , (eds.) Masculinity and Femininity , Oxford University Press, (1987)
  Rossi , A.S.,(ed.) Gender and The Life Course , Aldine publishing Co ., New York , (1985) Stein , S., Girls and Boys: The Limits Of Non-Sexist Rearing , Chattu and Windus , London, (1984)    

(1) الدكتور محمد علي البار ،عمل المرأة في الميزان، الفصل الثالث (خروج المـرأة للعمـل وتركيب المرأة الجسدي )، ص 44-46 كتاب الكتروني.مكتبة  موقع صيد الفوائد (www.saaid.net)ومكتبة موقع المفكرة الدعوية .

(2)الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، بحوث المؤتمر العالمي الثامن للإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، العلوم الطبية ، مكة المكرمة ، ج 1 ، ص255، بحث نورها إبراهيم عبد الله ، الفرق بين الرجل والمرأة http://www.eajaz.org

(3).http://www.keepmedia.com/pubs/uExpress/2000/02/06/554886?extID=10037&oliID=229. (4) http://www.junkscience.com/news2/coldhand.htm (5) http://ajc.healthology.com/webcast~transcript.asp?b=ajc&f=cardio&c=cardio~ malevsfemale&spg=SCH (6). http://www.physicallytrained.com/fm21-20/physical-fitness-training/appendix-a.shtml (7).Tarnopolsky, M.A., Atkinson, S.A., Phillips, S.M., MacDougall, J.D. (1995). Carbohydrate loading and metabolism during exercise in men and women. Journal of Applied Physiology 78 (4): 1,360-368. (8) http://www.muscle-fitness.com.au/380.html (9).Reybrouck, T., Fagard, R. Gender differences in the oxygen transport system during maximal exercise in hypertensive subjects. Chest 115 (3): 788-792, 1999. (10). http://www.overspeedtraining.com/women~1.htm (11).Miller AE, MacDougall JD, Tarnopolsky MA, Sale DG (1993). Gender differences in strength and muscle fiber characteristics. Eur J Appl Physiol Occup Physiol. 66(3): 254-62. (12). http://freespace.virgin.net/martin.shakeshaft/women.html    (13-16) الدكتور زغلـول النجـار، مقال من جريدة الاهرام ،قضايا و اراء ،من أسرار القرآن ( وليس الذكر كالأنثى)،تاريخ النشر 9/7/2007 م-1428هـ الأثنين. (17) الدكتور محمد علي البار ،عمل المرأة في الميزان، الفصل الثالث (خروج المـرأة للعمـل وتركيب المرأة الجسدي )ص57-                                                       60 كتاب الكتروني.مكتبة  موقع صيد الفوائد (www.saaid.net)ومكتبة موقع المفكرة الدعوية . (18)د. حسين أمين ،المرأة بين الشارع والبيت ، ص112-114،الطبعة الأولى 1999م-دار الشروق القاهرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Mayaseh Shabaa