لماذا النساء ناقصات عقل ودين؟

  • مقولة”ناقصات عقل ودين”.


لعل الرواية الأكثر جدلاً وإثارة للسؤال والسجال ؛ هي التي قد تضمّنتها الخطبة الثمانون ، وهي الأكثر صراحة ؛ لوجود أسباب ومبررّات لوصف النساء بما مرّ من ضعف أو أفن أو نقص : ( معاشر الناس ! إنّ النساء نواقص الإيمان ، ونواقص الحظوظ ، ونواقص العقول ، فأمّا نقصان إيمانهنّ فقعودهنّ عن الصلاة والصيام في أيام حيضهنّ ، وأمّا نقصان عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة رجل الواحد ، وأمّا نقصان حظوظهنّ فمواريثهنّ على الأنصاف من مواريث الرجال ) [1].

ويمكن مناقشة دلالة النص الروائي وفق الاحتمالات التالية :

1-قلة العقل بمعنى قلة التَديّن[2] .

وردت تعاريف كثيرة للعقل واحدة منها يذكرها لنا الشيخ الكليني عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: ما العقل؟ قال: ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان .

معنى ذلك ان عدم الورع عن محارم الله سيقلل من عقل الانسان-ذكرا كان ام انثى- جاء في حديث عن الإمام علي ( عليه السلام ): (إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ عَقْلِهِ)[3] .

وجاء في حديث آخر :(لا عقل مع شهوة[4] ) .

ونستطيع ان نلخص العاقل بالمتدين لقول أبي عبدالله عليه السلام: من كان عاقلا كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنة.

إذا على الأحتمال الأول سيكون معنى قوله عليه السلام(ان النساء ناقصات عقل) أي ناقصات تدين والتزام.

ولكن السؤال المطروح :هل يشمل هذا المعنى كل جنس النساء؟

ج/بالتاكيد كلا بل الكلام يختص بالنساء الفاسقات المنحرفات عن أحكام الله تعالى بدليل:

1- اننا لما نستقرأ مناسبة القاء النص سنجد ان القضية مرتبطة بحادثة معينة ومعللة أيضاً ، فانظروا نهج البلاغة خطبة أمير المؤمنين سلام الله عليه تجدونها مرتبطة بحرب الجمل فالرواية التي وردت في نهج البلاغة لم تطرح نقصان عقل المرأة بوصفها قضية حقيقية وبشكل مطلق، بل بما أنها قضية شخصية خارجية وبشكل مقيد.

وأساس القضية هي أن عائشة شنت هذه الحرب، فركبت عائشة جملاً لحرب أمير المؤمنين(ع) بتحرك منها ومن طلحة والزبير وعندها سقطت دماء كثيرة وأخيراً انكسروا، عندها قال أمير المؤمنين عليه السلام: “معاشر الناس ، إن النساء نواقص الإيمان ، نواقص الحظوظ، نواقص العقول; فأما‏…”

اذا من النقاط المهمة التي ينبغي ان يراعيها الباحث هو دراسة علاقة النصوص الشرعية بالأمور الواقعية الموضوعية ، وفهم النص في ضوء البيئة الظرف أو السياق الزمني له لأن سينتهي الأمر إلى تخصيص المصاديق المرتبطة بتلك الظروف ، وأمر كهذا يقطع الطريق أمام وصف المرأة كنوع بشري ، بمثل هذه الصفة وما شابهها ، فتنحصر الدلالة لتصدق على ظرف وحالة خاصّين .

هذا من قبيل ذم الإمام علي عليه السلام لرجال الكوفة قائلاً لهم  : ( يا أشباه الرجال ولا رجال، حُلوم الأطفال…الى ان قال لهم مُوَبِّخا : مُنِيتُ بكم بثلاث، واثنتين : ( صُمٌّ ذَوو أسماع، وبُكْمٌ ذَوو كلام، وعُمْي ذوو أبصار، لا أحرارَ وصِدْقَ  عند اللقاء، ولا إِخوانَ ثقَةٍ عند البلاء..) [5].

فهل يمكن القول بان هذا الذم مختص بشيعة علي ع في الكوفة منذ زمن القاء الخطبة الى قيام الساعة !!بالتاكيد ان هذه الكلمات وأمثالها إنما صدرت من أمير المؤمنين عليه السلام في مقام ذم من كان معه في الكوفة ، وهم الناس الذين كان يحارب بهم معاوية ، وهم أخلاط مختلفة من المسلمين، وأكثرهم من سواد الناس، لا من ذوي السابقة والمكانة في الإسلام.فلا يمكن سحب الذم لكل الاجيال المتعاقبة لاهل الكوفة بل الذم شمل الرجال الذين عاصروا امير المؤمنين في حربه مع معاوية .

وهذا له تطبيقات قرآنية أيضاً من قبيل قوله تعالى فى سورة يوسف عليه السلام: ﴿ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ[6]، فهل يمكننا تعميم صفة الكيد وبكونه عظيما على جنس النساء ؟!!

بالطبع كل منصف يرفض هذا التعميم المناقض للعقل والنقل .فلو راجعنا كتب التفاسير لوجدنا ان هذا القول كان بحق زليخا زوجة عزيز مصر التي راودت فتاها يوسف عليه السلام عن نفسه …والقصة معلومة للجميع.

2-لا يمكن ان يكون المراد من قوله ع (ان النساء نواقص العقول) كل النساء لان التاريخ والواقع يثبت بان هناك نسوة معروفات بكمال العقل لكونهن مؤمنات صالحات متقيات ، نذكر منهن:

  • فاطمة بنت محمد صلوات ربي عليهما، التي اذهب الله عنها الرجس والنقص ،بدليل قوله تعالى (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )[7]
  • مريم بنت عمران ، قال تعالى (يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ )[8].
  • آسيا بنت مزاحم التي جعلها تعالى قدوة لا فقط للمؤمنات بل حتى للمؤمنين كما في قوله تعالى : وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )[9]

2-قلة العقل بمعنى تعاظم قوة التعقل لدى الرجل قياساً إلى المرأة.

كأنما الإمام عليه السلام بقوله (ان النساء نواقص العقول)بصدد ذكر اعجاز علمي ، فلقد اثبتت البحوث العلمية بان الوزن الطبيعي لعقل للمراة يختلف عن الوزن الطبيعي لعقل الرجل .

ففى دائرة المعارف نفسها يقرر الدكتوران: نيكوليس وبيليه: أن مخ الرجل يزيد عن مخ المرأة بمقدار مائة جرام فى المتوسط، فنسبة مخ الرجل إلى جسمه 40/1 واحد إلى أربعين، ونسبة مخ المرأة إلى جسمها 44/1 واحد إلى أربعة وأربعين، كما يوجد اختلاف فى المخيخ أيضًا، وفى المادة السنجابية فهى عند النساء أقل بدرجة ملحوظة ومحسوسة جدًا.[10]

 إلا أن هذا النقص لا يعد نقصا وعيباً بحق المرأة ، لأن النقص المعيب يتحقق فيما لو كان المراد من نقص العقل هو نقص الإدراك . أي أنها لا تدرك الأمور كما يدركها الرجل وهذا التفسير مرفوض لكونها مكلفة كالرجل ، بل أن ادراكها يسبق الرجل ولذا كُلفت قبله بست سنين.

3-قلة العقل بمعنى قلة التذكر .

ويحتمل ان يكون المراد من قوله ( ان النساء نواقص العقول)اي بان النقص مقيد بالتذكر لا بمعنى العقل الذي هو جوهرٌ مجرد عن المادة ذاتاً وفعلاً.ويتضح كذلك من تفسير الإمام حيث قال عليه السلام :”وأما نقصان عقولهن ‏ ‏فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد.

ولما  نرجع إلى الآية المباركة فإنه يتضح أن المراد بكلمة العقل هنا التذكر وعدم النسيان، قال تعالى:” وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى[11]

ومن المعلوم أن تحمل الشهادة من الأمور الحسية التي تستند إلى الحس والمشاهدة وحضور المرأة كشاهد في كثير من المواقع إما أن يكون محذوراً أو قليلاً، بالاضافة الى ان العلم الحديث اثبت ذلك نذكر منها :

1-أن الحواس الخمس عند المرأة أضعف منها عند الرجل كما ورد في دائرة المعارف باقرار الدكتوران: نيكوليس وبيليه[12]  .وهذا بالتاكيد يؤثر على الشهادة.

2-نقص أيون الحديد في الدم يؤذي ذاكرة المرأة: وهذا ما أثبتته تجارب أمريكية جرت بجامعة Pennsylvanie usaعلى 149 امرأة في سن مابين 18 و35 سنة وكانت نتيجتها:أن نقصان الحديد يبطئ من تفكير المرأة وذاكرتها. تجدر الإشارة إلى أن هناك حوالي %20 من نساء العالم المتقدم و%40 من نساء العالم الثالث مصابات بنقص حاد في الحديد، فكم عدد اللاتي يعانين من نقص معتدل؟!!و للعلم فان من أهم أسباب النقص عوامل شبه ملازمة للمرأة في سن الخصوبة كالحمل والعادة الشهرية (خاصة إذا كانت مدتها طويلة مع نزيف حاد)[13].

 3-اثبتت البحوث العلمية الحديثة أيضاً حقيقة أخرى ، ففي دراسة حديثة قام بها علماء في (سيدني ـ أستراليا) ونشرت نتائجها على شبكة CNN وشبكة BBC الإخبارية بعنوان الدراسة: Pregnancy does cause memory loss, study says (الحمل يجعل الذاكرة أقل، الدراسة تقول ذلك). أثبتت الدراسة أن الحمل يتسبب بضعف ذاكرة النساء، وأن هذه الحالة تستمر لفترة ما بعد الولادة أحياناً حيث يتسبب الحمل في تناقص طفيف في عدد خلايا الذاكرة لدماغ الأم الحامل.[14]

والنكتة الجديرة بالاهتمام هي أن الآية تشير إلى أن الذي يذكر المرأة الناسية هي المرأة الأخرى وليس الرجل وهذا إن دل على شي‏ء فإنما يدل على الغفلة فقط. وليس نقصان عقل المرأة بما هي امرأة؛ لأن المرأة التي تذكر الحادث هي التي تقوم بمهمة التذكير دون الرجل فالقضية إذن تابعة للظرف الخاص وليست وليد عامل النقص في عقل المرأة.

4-قلة العقل بمعنى وجود الخصم في طريق العقل(العاطفة).

ذكرنا ان هناك عوامل عديدة تؤثر على عقل الانسان كالشهوة والعجب وغيرها . ومن تلك العوامل المؤثرة على العقل والملازمة لاغلب النساء هي (العاطفة).

أنّ العاطفة الشديدة تقلّل من إمكانية أخذ القرار العاقل ، المتناغم مع المعادلات والمفاهيم المادّية للمصلحة والعقل الضرورية ؛ حفاظاً على نظام الحياة . ومن المعلوم انه في الاعم الاغلب ان عاطفة المرأة ازيد من عاطفة الرجل . وأكبر دليل على عاطفة المرأة هو ما اثبته العلم الحديث بان هناك جزء يربط بين الفص الايمن ولأيسر في المخ وهو مركز الانفعالات العاطفية لدى الإنسان ، وهذا الجزء عند المرأة اوسع واعمق مما هو عليه عند الرجل.ولذا امر امير المؤمنين ع رجاله قبل الحرب قائلا(ولا تهيجن النساء وان شتمن اعراضكم وسببن امراءكم فانهن ضعاف القوى والانفس والعقول)

أنّ أكثر النساء ( وليس كل النساء ) في أكثر الحالات ( وليس كل الحالات ) يقعن تحت تأثير العاطفة الشديدة والإحساس القوي وضغطهما ، أشدّ من أكثر الرجال ؛ فيحتمل لو تقدم والدان في المحكمة للشهادة على جريمة قتل قام بها ولدهما وكان الوالدان على مستوى واحد من الإيمان ،فلما يأخذ الولد بالخضوع والبكاء ستتأثر الأم أكثر ويحتمل ان تتردد في شهادتها اذا لم تنكرها في حين ان الاب تأثره في الاعم الاغلب اقل من الأم فلذا قراره العقلي يصدره بصدق وبدون ضغوط.فلذا صرن النساء ناقصات عقل اي قرارتهن العقلية ربما تحيد عن القسط بسبب الضغوط العاطفية ، رغم ان هذه العاطفة قد اودعت في كيانها لحكمة تكامل الادوار .فلذا من باب الرأفة والرحمة قرنت شهادتها بشهادة امراة اخرى كي تذكرها ولا تجعلها تحيد عن القسط الذي امرنا به تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ)[15].


[1]  نهج البلاغه، خ79ص72.

[2]  المقصود بالدين هنا هو معرفة و طاعة ، معرفة بأصول الدين و قبولها ، و طاعة في فروعه .

[3]  الشيخ الكليني، الكافي،ج1،ص27.

[4]  مستدرك الوسائل 11: 211 ح12769; غرر الحكم، باب العقل: 49.

[5]  نهج البلاغة، ص 58 خطبة رقم 27.

[6]  يوسف/28.

[7]  الاحزاب/33.

[8]  آل عمران/42.

[9]  التحريم/11-12.

[10]   سالم علي البهنساوي، السنة المفترى عليها، دار الوفاء، المنصورة، الطبعة الثالثة،1989،ص240.

[11]  البقرة/182.

[12]  سالم علي البهنساوي، السنة المفترى عليها،ص240.

[13] http://edition.cnn.com/2008/HEALTH/conditions/ 02/05/pregnancy.memory/index.html

[14] http://www.cnn.com/2008/HEALTH/conditions/02/05/pregnancy.memory/index.html

[15]  النساء/135.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Mayaseh Shabaa