لماذا لا يجوز للمرأة ان تكون مرجعاً يقلدها الناس ؟! ألا يدل هذا على تدنّي منزلتها !!

لماذا لا  يجوز للمرأة ان تكون مرجعاً يقلدها الناس ؟! ألا يدل هذا على تدنّي منزلتها !!


ناقش الفقهاء مسألة أهلية المرأة للتصدي للمرجعية والتقليد، بحيث يعتمد الآخرون على فتاواها، وتصبح مرجعية دينية تؤخذ منها الأحكام الشرعية.

والرأي السائد لدى الفقهاء والذي يذكرونه في رسائلهم العملية، هو عدم جواز تقليد المرأة، وإن اجتمعت فيها كل الشروط والمواصفات، على أساس أن الذكورة شرط في المرجعية.
لكن الملفت للنظر، أن أغلب أولئك الفقهاء حينما يناقشون المسألة علمياً وعلى صعيد الاستدلال والبحث، يعترفون بعدم وجود دليل مقنع للمنع من تقليد المرأة، ولسلبها أهلية المرجعية والإفتاء.
يقول السيد الحكيم في المستمسك:  “وأما اعتبار الرجولة (في شرائط المجتهد المقلد) فهو أيضاً كسابقه عند العقلاء (غير ظاهر عند العقلاء) وليس عليه دليل ظاهر غير دعوى انصراف إطلاقات الأدلة إلى الرجل، واختصاص بعضها به. ولكن لو سلم فليس بحيث يصلح رادعاً عن بناء العقلاء. وكأنه لذلك أفتى بعض المحققين بجواز تقليد الأنثى والخنثى) (1)
وقد بحث هذه المسألة الفقيه الشيخ محمد مهدي شمس الدين، وناقش أدلة المانعين، وخلص إلى: (أنه لا دليل على اشتراط الذكورة في مرجع التقليد، كما أن جميع ما ذكر لا يصلح للردع عن بناء العقلاء وسيرتهم على عدم الفرق، في رجوع الجاهل إلى العالم، بين كون العالم رجلاً أو إمرأة، فيصح تقليد المرأة المجتهدة الفقيهة إذا كانت واجدة لبقية الشرائط المعتبرة في مرجع التقليد. وعلى هذا اتفق الفقهاء وعلماء الحديث في باب الرواية.
والعمدة في المسألة بناء العقلاء، هذا مضافاً إلى أن أدلة حجية الرواية هي أدلة حجية الفتوى ومشروعية التقليد، ولا يمكن تجزئة دلالة الأدلة إلا بدليل مقيد أو مخصص، وقد تبين عدم وجود دليل من هذا القبيل. قال المحقق الأصفهاني :”فأما الذكورة فلا دليل عليها بالخصوص، وما ورد في باب القضاء من عدم تصدي المرأة له، وكذلك في الإمامة للرجال فالحكمة فيهما ظاهرة. وهل حال الفتوى إلا كحال الرواية، ولذا يستدل بأدلة حجية الخبر على حجية الفتوى، من دون اختصاص لحجية الرواية بالرجال. مع أنه لا ينبغي الريب في جواز العمل لها برأيها أيضاً)(2).
أما عند فقهاء السنة فيبدو أنهم متفقون على أن الذكورة ليست من شروط الإفتاء والمفتي، وبالتالي فهم يقبلون مرجعية المرأة في الأحكام الشرعية. جاء في الموسوعة الفقهية: (لا يشترط في المفتي الحرية والذكورية والنطق اتفاقاً، فتصح فتيا العبد والمرأة والأخرس) (3).

واذا كان الفقهاء قد أشكلوا على المرأة التصدي لمنصب المرجعية فهذا لا يعني أنها لا يجوز لها الاجتهاد بل هذا من حقها” فالله تعالى حينما يقول تعالى : ( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ )(4) ، ويقـول تعـالى: ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقـُرْآنَ لِلذِّكْـرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ )(5)، وحينما يقول النبي (ص) : ” نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها “(6) فهذه الخطابات والأوامر لا تختص بالرجال دون النساء

فكما يتفهّم الرجل آيات الكتاب العزيز، وأحاديث الرسول الكريم (ص)، ويعرف منهما واجبه وتكليفه، فكذلك الحال بالنسبة للمرأة، وهذا ما كان معمولاً به في عصر النبوة والإمامة.
وإذا كانت المسافة الزمنية التي تفصلنا عن عصر التشريع، قد جعلت عملية فهم النص الشرعي، ومعرفة الوظيفة من خلاله، تحتاج إلى درجة من الخبرة في بعض العلوم كأرضية ومقدمات لتحصيل القدرة على استنباط الحكم الشرعي من مصادرة المقرره، كاللغة العربية، وتفسير القرآن، وعلم الدراية، وعلم الأصول.
فإن التوفّر على هذه الخبرة العلمية، إنما يستلزم حركة وقدرة ذهنية تمتلكها المرأة، كما يمتلكها الرجل. وبالتالي فبإمكان المرأة أن تصل إلى مستوى الفقاهة والاجتهاد، فتتعامل مع النص الشرعي مباشرة، وتستنبط المفاهيم والأحكام، وحينئذ ليست المسألة أنه يصح لها العمل بما يؤدي إليه رأيها واجتهادها، بل إنه يجب عليها ذلك.
لأن المجتهد – رجلاً كان أو امرأة – إذا استنبط الحكم بالفعل، فلا يجوز له أن يترك ما اتضح له أنه حكم الشرع، ويعمل برأي آخر. فالمرأة يمكن أن تكون فقيهة مجتهدة، وأن تعمل برأيها وحسب اجتهادها.”(7)

ولكن لما نأتي إلى منصب تولي المرجعية فلقد ذكر علمائنا الاعلام في رسائلهم العملية شرط الذكورة ضمن شروط التقليد المتعددة، أي انه لا يجوز للمكلف تقليد المرأة وان كانت فقيه والسبب في ذلك هو ان المرجعية مسؤولية ثقيلة جدا لكونها ترتبط بصميم الدين الإسلامي ومذهب أهل البيت ع حتى وجدنا ان كثير من الفقهاء اعرضوا عنها – أي المرجعية – لتجنب عبء مسؤولياتها ذلك انها يترتب عليه امور عدة لا تتناسب وحال المرأة ، منها:

1-يقول الشيخ جوادي آملي:” ولي أمر المسلمين يجب ان يكون رجلاً طبعاً ، لأن الولاية هي تتمة الإمامة ، ولأن الولي يأمر بالحرب والصلح ويلتقي مع الناس كثيراً ولديه عمل ديني صعب ، ويتطلب جهداً أكثر ولوازم هذه الأمور الذكورة (8).

فالرجل يتحمل مسؤولياتها أكثر من المرأة ، وخصوصاً وان المرجعية تحتاج إلى جهد شديد لا يعرفه إلا من تصدى لها.هذا من جهة ومن جهة أخرى فان المرجعية تحتاج إلى مجموعة مقدمات كثيرة، لا أقل من كثرة المطالعة والمناقشة مع العلماء ومراجعتهم في حل بعض المشاكل العلمية والاجتماعية وهذا كله يتعارض مع العفة أو الحشمة المطلوبة ( من المرأة) بالدرجة الأولى.

ومن ناحية أخرى فان أمر المرأة منوط بزوجها ، فإذا منعها زوجها من التصدي للمرجعية أو منعها من الخروج لبعض المهمام الأساسية فان الواجب عليها طاعة زوجها ، وبذلك سوف تقل أو تنعدم فائدتها (9).

2-ان المرأة سريعة التأثر بالعواطف (10)، ولذلك تكون أكثر تصرفاتها تلقائية ، أو لا شعورية بدليل : انها سريعة الندم على الكثير من افعالها ، وهذا مانع أكيد من التصدي للمرجعية ، فضلاً عن كونه مانعاً عن تقليدها .

3-ان القيمومة ثابت بنص الآية السابقة – آية القيمومة- للرجال على النساء ، وهي مطلقة وعامة فكيف يجوز ان نخالفها ونجعل القيمومة للنساء على المجتمع بما فيهم الرجال .

  • قد يقال : لماذا لا يجوز للنساء فقط ان يقلدن امرأة منهن ؟

وجواب هذا السؤال بكل بساطة :هو اننا نتحدث عن مرجعية يفترض ان تكون للمجتمع عموماً بما يتضمنه من رجال ونساء .وكذلك نحن قلنا سابقاً : ان المرجعية تحتاج إلى مقدمات كثيرة يكثر فيها الاختلاط مع الرجال وهذا بطبيعة الحال ممنوع على المرأة شرعاً ، سيما وانه غير ضروري عقلاً ، لإمكان الاكتفاء بالرجال.كما ان النساء ونتيجة العاطفة سوف يقلدن هذه المرأة رأساً وبدون فحص عن أعلميتها ، وبذلك يقعن في الحرام فيكون من المصلحة سد هذا الباب امامهن، من باب مقدمة للوقوع في الحرام فيكون حراماً .وفي الحديث ما مضمونه : ” ان المرأة إذا تركت شؤون الرجال يكون أهدأ لبالها وأدوم لجمالها)(11)

(1) الحكيم: السيد محسن الطباطبائي/ مستمسك العروة الوثقى/ الطبعة الرابعة 1391هـ دار إحياء التراث العربي- بيروت/ ج1 ص43.

(2) شمس الدين: محمد مهدي/ الاجتهاد والتقليد ص283 الطبعة الأولى 1998م/ المؤسسة الدولية.

(3) الموسوعة الفقهية/ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الكويت ج32 ص26.نقلا عن الصفار، الشيخ حسن، شخصية المرأة بين رؤية الإسلام وواقع المسلمين ، ص 62-64.

(4) سورة النساء الآية82.

(5) سورة القمر الآية17.

(6) ابن حنبل: أحمد/ مسند الإمام أحمد ابن حنبل – حديث رقم 16859.

(7) الصفار، الشيخ حسن، شخصية المرأة بين رؤية الإسلام وواقع المسلمين ، ص59-61.

(8)جمال المرأة وجلالها ص 358.

(9)فلسفة تشريعات المرأة ، الشيخ محمد اليعقوبي ، ص 235، بتصرف.

(10)راجع الفروق بين الذكر واالأنثى في الباب الثالث من هذا الكتاب ص .

(11)فلسفة الأحكام الشرعية ج1 ص 32 وما  بعدها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Mayaseh Shabaa