ســــؤال من احدى الأمهات تقول:
كيف اتصرف عند ضبط ابني يسرق؟ كيف اعالج سرقة ابني؟؟ هل استخدم مباشرة أسلوب العقاب كالضرب ام ماذا افعل؟
الجــواب
بالحقيقة يشعر الأب بطعنة في صدره عندما يكتشف سرقة ابنه، ولا يعرف كيف يتصرف، وقد يصب جام غضبه عليه حتى لا يكرر فعلته، ولكن دون أن يسأل نفسه: لماذا سرق ابني؟ وهل أخطأت في تربيته؟
ان أهم خطوة لمعالجة ظاهرة السرقة لدى الأبناء لا سيما الاطفال تتمثل في محاولة فهم أسباب ودوافع السلوك لدى الطفل، وأما أبرز الدوافع للسرقة فهي كالتالي:
1-الحرمان والتدليل:
فالحرمان يدفع الطفل الى السرقة. فينبغي عدم حرمان الطفل بالأخص من الأمور الضرورية كالطعام، واذا كان الحرمان ضروري لصحته فلزم إقناعه بالحوار والصور والمرئيات كالفيدوات.
ولرفع الحرمان لا يعني أن نوفر للطفل كل ما يريد لأن التدليل أيضا يُفسد الولد ويدفعه أيضاً إلى السرقة، فكثرة الاستجابة لطلبات الطفل واعطائه كل ما يتمنى ويشتهي سيشعر الطفل أن كل شي له وأنه لا حدود لرغباته وحاجاته فيلجأ إلى السرقة كحق من حقوقه في امتلاك كل ما يريد، وهو ما اعتاد عليه وتربى عليه من قبل الأهل، لذا الوسطية هي الحل الأمثل.
2-اشباع هواية وحاجة ذاتية:
أحيانا تكون لدى الطفل هوايات وميول ذاتيه وقدرات معينة ككثرة الحركة ولا يجد وسيلة لإشباعها فيما هو متاح له، فيلجأ بدوافع وقوة الغرائز الى سرقة أشياء تتيح له تلبية هذه الحاجيات كلعبة أو كرة أو هاتف وغيرها.
ولذا الحل يكمن بمتابعة هواياته وميوله ومعرفة احتياجاته، ومحاولة تلبيتها بشكل معتدل بلا إفراط ولا تفريط.
3-اثارة انتباه الأبوين واهتمامهما:
حينما يشعر الطفل بأنه غير محبوب او انه لا يحظى باهتمام كاف من الأبوين فقد يلجأ الى السرقة كرسالة لإثارة اهتمامهما، لذا ينبغي سد الحاجات العاطفية للطفل، كالاهتمام به ومحاورته واشعاره بحبكم له من خلال التقبيل والحضن والتشجيع والوفاء بالوعد، وتخصيص وقت للتحاور معه وغيرها.
4-عدم استيعاب الطفل لمفهوم الملكية الفردية:
حينما يجد الطفل نفسه في محيط كل ما فيه ملك للكبار أو ملك مشترك مع غيره يجد نفسه يسير في اتجاه معاكس وذلك لشعوره بالحاجة إلى التملك وهو شعور تفرضه طبيعة النمو النفسي لدى الطفل منذ الفترة الأخيرة من السنة الأولى. فلزم إفهام الطفل معنى الملكية الفردية وتدريبه على احترام ملكية الاخرين وعدم التعدي عليها، بطرق متعددة منها تطبيق تمارين تم طرحها في كتابي “لمسات تربوية” الجزء الأول، حيث يمكنكم كتابته بالكوكل وسيخرج لكم.
5-الإنتقام:
حينما يُمارس نوع من الاضطهاد والتعدي والظلم على الطفل فإنه قد لا يملك القدرة على الدفاع عن نفسه فيلجأ للسرقة كأسلوب انتقامي وكرد فعل على ما يتعرض له من اضطهاد. وهذا نراه يحصل حتى ما بين الأخوة حينما يتشاجروا.
6-تحقيق الذات:
وهي حاجة نفسية لدى الإنسان تنمو مع نمو حاجاته وقد تقوى لدى الطفل في اجواء المنافسة والتحدي وكثرة الاختلاط بالأطفال وقد يلجأ الطفل لسرقة المال أو ساعة ثمينة وغيرها، كوسيلة للتميز والتفاخر واثبات الذات وسط اقرانه.
ولأجل تحقيق ذاته ينبغي أن تكون لديه ثقة بنفسه وهناك تمارين وتطبيقات أخرى يمكنكم متابعتها بان تكتبوا في الكوكل كتاب “لمسات تربوية” الجزء الثاني، وستجدون التفاصيل فيه.
7-الخوف من العقاب:
يلجأ الطفل للسرقة هروباً من العقاب وخوفاً من مصارحة الأبوين لا سيما إذا كان يعامل بقسوة فيسرق أدوات غيره من الأطفال في المدرسة فيما إذا ضيع أغراضه خوفاً من معاقبته على ضياعها.
لذا إذا اردتم تصحيح أخطاء أولادكم فهناك وسائل عديدة يمكنكم ممارستها بدل الضرب والصراخ والسب والشتم والعتاب القاسي، ومنها أن تطلبوا منه إصلاح الخطأ بأن يشتري بدل الحاجة المفقودة من مصروفه الأسبوعي، أو حرمانه من شيئا يحبه كتوقيف اللعب بالإنترنت لفترة كذا، أو الطلب منه بانتخاب ثلاث عقوبات وأنت تختار أحدها أو العكس، وغيرها من أساليب العقاب الجائزة من ناحية شرعية وتربوية.
توجيهات تربوية للمربي
1-لا ينبغي للمربي لو لاحظ سرقة الطفل أن يسرع بإنزال العقاب فيعنفه ويسخر منه، بل ينبغي التريث فلزم أن يتأكد المربي قبل أن يحكم عليه، هل أنه فعله وهو عالم بالحكم أم جاهل؟، هل أنه مشتبه أم غير مشتبه؟، هل فعله وهو مضطر أم مختار؟، متعمد أم غير متعمد؟، هل أنه فعلها أول مرة أم كررها رغم التحذيرات والتوجيهات؟، فكل هذه النقاط ينبغي اخذها بنظر الاعتبار، فلكل مقام مقال، وأما التعامل العشوائي فسيوقع المربي في الظلم.
2-لا ينبغي للمربي إذا لاحظ سرقة الطفل أن ينعت الطفل باللص أو السارق وبالأخص أمام غيره من اخوانه أو الضيوف لأن وصفه وإطلاق هذه الألقاب عليه تثبت الصفة لديه، وأيضا يسبب له انطواء على الذات وهروباً من الناس والميل للعزلة وقد يعزز لديه سلوك الإجرام والانتقام وردود الافعال.
فهناك اباء وامهات مع شديد الأسف يعيرون أبنهم بأنه سارق لكونه سرق مرة واحدة أو مرتين، ولا يحاولون بجدية الوقوف على الأسباب التي تدفعه لذلك ولا محاولة علاج السرقة، بل يعتقدون بنعته بالسارق سوف يمتنع، بينما في أغلب الأحيان هذا النعت سيكون دافعاً له لتثبيت وتعزيز السرقة لديه، كيف؟
فالطفل حينما يسمع هذا النعت في كل موقف لا يرضاه أحد الوالدين، فاذا تأخر في تلبية طلبهم قالوا له: “وينك يا حرامي”، وإذا ضرب أخوه قالت له الأم: “مو كافي أنك سارق وحرامي”، وإذا رسب في الامتحان قالوا له: “بالتأكيد ستفشل بالدراسة لكونك حرامي، ماذا نتوقع من الحرامي؟”…الخ
فهنا الولد بما أنه يعلم أن لا فائدة من نيل رضا الوالدين وأنهم لن يسامحوه ولن ينسوا ذلك الأمر وسيظلون يعيرونه سواء سرق أو لم يسرق؛ لذا سيقول في نفسه: “الأفضل أن أسرق لكون التهمة منطبقة علي في كل الأحوال”، ولذا سيكون المربي هو السبب في تثبيت هذه الصفة البذيئة في نفسه.
3-لا ينبغي للمربي التجسس المستمر على الطفل لكون مرة صدرت منه السرقة، وهذا معناه أن الثقة مفقودة ما بين الطفل والأهل وبالتالي يشعر بأنه غريب ولا يشعر بالأمان، فإذا أراد المربي متابعة ولده فيمكنه مراقبته عن بعد بحيث لا يجعل ولده يشعر بذلك، ويخبره بأنه واثق بأنه لن يعود للسرقة وإذا أراد شيئاً عليه أن يخبره.
كيف نتمكن من جعل أولادنا يتركون السرقة؟
هذه مجموعات خطوات إذا أهتم بتطبيقها المربي فسوف تقي ولده من أن يسرق، وهي كالتالي:
1-تعرّف على أسباب السرقة بكل تفاصيلها ثم عالج الخلل، واذا عجز المربي فيمكنه الاستعانة بمستشار نفسي او تربوي.
2-تعرف على البيئة التي يعيش فيها طفلك كبيئة المدرسة والأصدقاء، فقد يكون قد تعلم السرقة بسبب تقليده لاحد أصدقاء السوء، فلذا ينبغي تعليم الطفل منذ الصغر بضرورة الابتعاد عن أصدقاء السوء وصداقة الأصدقاء الصالحين وتبينون لهم مواصفات كل منهما.
3-الزم الهدوء أيها المربي وكن ليناً حتى تحسن التصرف ولا تتخذ موقفاً عن غضب فتندم عليه.
4- لا تتصرف بعقلية القاضي الذي يثبت التهمة ويصدر الحكم، فمع الأسف أغلب الآباء كأن وظيفتهم هي تتبع سلوك ولده وإصدار الأحكام في حقه وكأنه قاضي، ولا تمارس أيها المربي دور السّجان الذي تكليفه أن يلحق العقاب ويقتص من الجاني، بل تذكر أنك مربٍ طبيب أي مارس دور الطبيب مع أفراد عائلتك، فهدفك أن تصلح السلوك وتعدله لا أنك تريد الانتقام منه.
5-حاور الطفل بليونه وأنت هادئ وحاول أن تفهم منه ما يضايقه، وهل هو محتاج لشيء ولا يقوي على البوح به!.
6-حدثه عن الأمانة وعلمه معاني الملكية العامة والخاصة وضرورة احترامها وعدم التعدي عليها واستخدامها إلا بعد الاستئذان.
7-شجعه على مصارحتك وامدحه عليها.
8-عبّر له عن حبك وعاطفتك تجاهه، فلا يكفي أن نحب ابناءنا بل لابد من التعبير لهم عملياً عن حبنا لهم واظهاره عن طريق الاقوال والافعال، فالطفل والولد لا يستطيع ان يطّلع على قلبك ليعلم كم انت تحبه!، فلو شعر الطفل بالدفء العاطفي والأمن والأمان سيشكل حصانه لديه من اللجوء الى السرقة.
9-كن كريماً مع ابنائك، فالكرم يغني عن التفكير اصلاَ في السرقة في أحيان كثيره لكن في حدود المعقول والمقبول حتى لا تنقلب الى نتائج سلبيه أخرى.
10-اقنع الطفل دوماً برغباتك وطلباتك ولا تفرض عليه فرضاً دون نقاش ولا اقناع .
11-احرص على التربية الإيمانية ففيها عاصم له من سلوكيات الشاذة والمنحرفة.
12-لا تميز طفلاً عن طفل بمعاملة أو عطف أو حنان أو هدية؛ لأن التمييز قد يدفعه للسرقة بدافع الانتقام أو لجذب انتباه الوالدين.
13-وأخيرا احرص على الصحبة الصالحة لأبنك فتلك حاجة نفسية تحتاج الى اشباع.